نبذة
حيث إنَّ قيام الاحتلال الإسرائيلي بحبس الأطفال خلال الحرب يعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان ومخالفة قانونيّة لاتفاقيّة جنيف الرابعة، ولبنود اتفاقيّة حقوق الطفل، والعهد الدولي للحقوق المدنيّة السياسيّة، يركّز هذا البحث على القسم 13 في سجن عوفر، والمخصَّص لحبس الأطفال الفلسطينيّين من المناطق الجنوبيّة للضفّة الغربيّة. وقمنا بدراسة حثيثة للحياة اليوميّة للطفل الأسير داخل القسم رقم 13، والعلاقة بين الأطفال وبين مساحات السجن، التي يتمّ التعبير عنها من خلال الانتهاكات الإسرائيليّة لهذه المساحات المعيارية، ما يخلق ظروفاً غير مريحة بشكل متواصل لهؤلاء الأطفال ويحرمهم من حاجاتهم التعليميّة والترفيهيّة. علاوةً على ذلك، وعلى الرغم من التعطيل المستمرّ لحياة هؤلاء الأطفال داخل السجون بأيدي المؤسّسة الإسرائيلية، إلا أنّنا نلمس صمودهم بشكل يومي.
المنهجيّة
رسم المساحات المعماريّة والتجارب المكانيّة من خلال الصور والرسوم الهزليّة المستندة إلى نماذج ثلاثيّة الأبعاد للمكان.
رياضة الصباح
كانت فورة بعد الظهر هادئة – على أهدأ ما يمكن أن يكون السجن. بعض الأطفال يقومون بتمارين الضغط على الماسورة القديمة في الجدار، وبعضهم يجري، وآخرون يدردشون بالقرب من الباب الأزرق. يسأل أحدهم: "هل تسمع الضجيج؟" وبعد ثوانٍ فقط، يفتح الباب الأزرق محدثاً ضجيجاً ويندفع منه أفراد الشاباك؛ يستخدَم هذا الباب من أجل "مكافحة الشغب". الغاز المسيل للدموع يملأ المكان، ويصرخ أعضاء الشاباك: "إلى الجدار، إلى الجدار". يراهم أحد الأطفال من بعيد ويسرع لكي يحذّر الآخرين صارخاً، "شاباك، شاباك، شاباك".
سنة حلوة يا جميل
اليوم هو عيد ميلاد أيسر، وهو شخصية وهميّة عمره 15 سنة. قرّر زملاؤه في الزنزانة أن يصنعوا له الكنافة الشهيرة بالخبز بمناسبة عيد ميلاده، لكنّهم اكتشفوا أنَّ الخبز قد نفد، فطلبوا من رامي أن يحضر خبزاً من الزنزانة رقم 9. في النهاية، نرى أيسر، ورامي، وزملاءهما يستمتعون بالكنافة خلال الفورة.
اللي بسبق بلبق
يحدث هذا المشهد في الفورة. بعض الأطفال يلعبون لعبة "الجلول" أي الكرات الزجاجيّة، وبعضهم الآخر يجري ويلعب "مطاردة". هناك طفلان يتقاتلان على مضرب التنس الوحيد المتوفّر: يقول الأول: "من يجده أوّلاً يأخذه"، فيجيبه الثاني قائلاً: "بالأمس أنت لعبت التنس، أمّا اليوم فعليك أن تذهب إلى المدرسة" - في إشارة إلى أنّه في السجن، يمكنك إمّا اللعب وإما التعليم، بدل أن يتمتّع الأطفال بحقوقهم كاملة".
أول يوم بالنادي
أيسر يسأل رامي كيف يمكنه ممارسة التمارين الرياضيّة بشكل مفيد، فيجيبه رامي: "تعال، سأريك كيف ... أحضر زوجين من البنطلونات وممسحة. وأنا سأحضر علب المخلّل من الأولاد". ثم نرى الأثقال التي تمّ صنعها من علب المخلل وبنطلونات الأسرى أنفسهم.
جمعة الجمعة
اليوم هو يوم الجمعة، وهذا يعني أن أسبوعاً آخرَ قد مر. غير أنَّ أيّام الجمعة أصبحت منارة للأمل، لأنَّ المنسي يقوم بطهي المقلوبة للقسم رقم 13. وهم يستمتعون بهذه الوجبة الساخنة التي تذكّرهم بالبيت. يقول رامي: "كنت أنتظر مقلوبة منسي أسبوعاً كاملاً". يجيب أيس: "مقلوبة منسي ألذّ من مقلوبة أمّي". ويقول طفل آخر: "اليوم هو سابع مقلوبة في حكمي"، حيث يقوم بعدّ أيّام الجمعة - أو وجبات المقلوبة، كوحدة للزمن. بالطبع، لا توجد لحظات صفاء دون انقطاع في القسم رقم 13، فقد اندفع الحرس إلى الداخل لعدّ السجناء، ما اضطرّهم إلى ترك طعامهم لكي يقفوا بانتظار العدّ.
قصة ما قبل النوم كل يوم 1
تجاوزت الساعة العاشرة ليلاً. أيسر نائم في السرير الذي لا يتجاوز طوله 175 سنتمتراً، ويمدّ ساقَيه خارج السرير. ثم يقوم بتغيير وضعيته وينام على بطنه. عندئذٍ، يلاحظ ذلك زميله في الزنزانة، وفي محاولة لإنقاذه من الحرس، يقوم بإيقاظه لكي ينام على جانبه قبل أن يراه الحرس: فالنوم على البطن ممنوع على الأطفال لأنّ وجوههم تكون مخفيّة. يستيقظ رامي خلال هذا المشهد، فيقول له بشكل خطابي أنَّ بإمكانه النوم كما يحلو له: يكفي أنَّ الحرس يقومون بإيقاظهم باستمرار.
قصة ما قبل النوم كل يوم 2
خطابي أنَّ بإمكانه النوم كما يحلو له: يكفي أنَّ الحرس يقومون بإيقاظهم باستمرار.
نصّ الرسوم الهزلية 6: 2 قصة ما قبل النوم كل يوم
إنَها الساعة الخامسة صباحاً، والأطفال نائمون. حان وقت "أداد"، أي اقتحام الحرس للمكان وهم يصرخون، "وقت العدّ يا أولاد". ثم نرى أيسر جالساً في سريره وهو يشعر بالإحباط، ويتَمتم، "هذا يحدث كلَ فجر، في الساعة الخامسة تماماً. أتمنّى لو أنّهم يأتون بعد هذا الوقت". ثم نرى بعض الأطفال يقفون ورامي يقول: "لا بأس، فالأمر يستغرق 15 دقيقة فقط، بعد ذلك نعود إلى النوم".
كسوة الشتاء
الشتاء قادم. أيسر يشعر بالبرد ويريد أن يصنع بطانيّة جديدة، ولكن ليس لديه إبرة حياكة، لذا يطلب من زملائه أن يحضروا له لمبة. يقوم أيسر بتفكيك اللمبة، ويقوم بفتح السلك الموجود بداخلها وتعديله بحيث يصبح مستقيماً ويصبح صنّارة. ثم يأتي بخيوط من كيس البطاطا ويخيطها ببعضها البعض، بحيث تصبح بطانيّة، مطبّقاً بذلك القول الشهير: "الغاية تبرّر الوسيلة".
ماما وين السكّينة
أيسر يفكّر بعمق، ويسأل نفسه كيف يمكن تقطيع البطاطا. وينادي رامي للحصول على علبة مخلَّل. ثمّ يزيل الغطاء ويثنيه ويستخدم حافّته الحادّة لتقطيع البطاطا.
يوم دراسي
إنّها الساعة 9 صباحاً. حان وقت الدرس. يقول المعلّم: "لم أتمكّن من إحضار خارطة العالم، هل يمكنكم تخيّلها بدل مشاهدتها؟". وفي مشهد آخر، يقوم الأطفال بتصوّر خارطة العالم بطرق مختلفة. ثم يفكّر المعلم: "وبهذه الطريقة نفسها تماماً، فإنّنا نتخيّل أنّنا نتعلم".